Wednesday, July 16, 2008

صيام رجب بين التحريم والترغيب

شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , والأشهر الحرم هي : رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم .

وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَان)

وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم الترغيب في الصيام فيها بقوله: صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها. رواه أبو داود والإمام أحمد، وقال العلماء ولم يثبت في صيام رجب حديث يحتج به غير أنه من أشهر الحرم، أما شعبان فينبغي الإكثار فيه من الصيام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان. رواه البخاري ومسلم.

أما صوم شهر رجب فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم شيء منه حديث صحيح فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها : لا أصل له في الشرع .

غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم ( ورجب من الأشهر الحرم ) فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ ) رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس , أما تخصيص رجب بالصيام فلا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" ) :

" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات . . .

وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم : وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا "

وقال ابن القيم رحمه الله :

" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى " انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .

وقال الحافظ ابن حجر :

" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه لا صيام شيء منه معين , ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة "

وقد شنع العز بن عبد السلام على من نهى الناس عن صيام رجب، كما نقل ذلك عنه ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى.
ومن أهل العلم من كره صوم شهر رجب، ومن أولئك الحنابلة، واستدلوا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما، ونهي عمر الناس عن صيامه
وأما صيام بعض رجب، فمتفق على استحبابه عند أهل المذاهب الأربعة لما سبق، وليس بدعة.

صيام السابع والعشرين من رجب وكذلك اليوم الخامس عشر من شعبان ليس له فضل خاص.

وسئل الشيخ ابن عثيمين
فأجاب
"
صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة , وكل بدعة ضلالة "

وأما تخصيص يوم معين من رجب بالصيام باعتبار ذلك من السنة مثل صيام السابع والعشرين، فإن ذلك من البدع، وكذلك الاحتفال بهذه المناسبة أي مناسبة الإسراء والمعراج فهذه كلها أمور محدثة، لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، وكذلك الحكم بالنسبة لتخصيص اليوم الخامس عشر من شعبان بصيام


المقصود هنا ان تخصيص ايام معينة من رجب بالصيام من البده اما صيام ايام من رجب كأى شهر أخر كأيام الأثنين والخميس ومنتصف الشهر كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين فقال : ( فيه ولدتُ ، وفيه أُنزل عليَّ ) رواه مسلم ( 1162 ) .

وعن عائشة رضي الله عنه قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرَّى صوم الاثنين والخميس ) رواه الترمذي (745) والنسائي (2361) وابن ماجه (1739) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1044) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تُعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس ، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم ) رواه الترمذي (747) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1041) .

وفى صيام ثلاثة أيام من كل شهر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر . رواه البخاري (1124) ومسلم (721) .

وعن معاذة العدوية أنها سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : نعم . فقلت لها : من أي أيام الشهر كان يصوم ؟ قالت : لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم . رواه مسلم (1160) .

وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر ، وأيام البيض : صبيحة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ) . رواه النسائي (2420) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1040) .

وعن أبي أبا ذر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صمتَ شيئا من الشهر فصم ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ) رواه الترمذي (761) والنسائي (2424) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1038) .

فالأمر في صيام الأيام الثلاثة واسع ، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنه ، وأفضل أيام الشهر لصيامها : الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، كما جاء في الأحاديث الصحيحة الأخرى .

وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، هل لابد أن تكون في الأيام البيض فقط ؟ أم يجوز أن يصام منها ثلاثة أيام من أي يوم في الشهر ؟
فأجاب
" يجوز للإنسان أن يصوم في أول الشهر ، أو وسطه ، أو آخره ، متتابعة ، أو متفرقة ، لكن الأفضل أن تكون في الأيام البيض الثلاثة وهي : ثلاثة عشر ، وأربعة عشر ، وخمسة عشر ،

قالت عائشة رضي الله عنها : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ، لا يبالي أصامها من أوله ، أو آخر الشهر "