Saturday, March 29, 2008

محاكم التفتيش --3

وكانت تتم المحاكمة بأن يشرب الشخص كؤوساً من الخمر يحددها المحاكمون له، ثم يُعرض عليه لحم الخنزير ويطلب منه أن يأكله، وبذلك يتم التأكد من أنه غير متمسك بالدين الإسلامي وأوامره، ولكن هذا الامتحان لا يكون عادة إلا خطوة أولى يسيرة جداً , إذ يُعاد بعد تناوله الخمر وأكل لحم الخنزير إلى الزنزانة في سجن سري، ودون أن يعرف التهمة الموجهة إليه، وهو مكان من أسوأ الأمكنة، مظلم، ترتع فيه الأفاعي والجرذان والحشرات، وتنتشر فيه الأوبئة، وفي هذا المكان على المتهم أن يبقى أشهراً طويلة دون أن يرى ضوء الشمس أو أي ضوء آخر، فإن مات، فهذا ما تعتبره محاكم التفتيش رحمة من الله وعقوبة مناسبة له، وإن عاش، فهو مازال معرضاً للمحاكمة، وما عليه إلا أن يقاوم الموت لمدة لا يعرف أحد متى تنتهي، وقد يُستدعى خلالها للمحكمة لسؤاله وللتعذيب .
وعادة كان يسأل المحقق في المرة الأولى إن كان يعرف لماذا ألقي القبض عليه وألقي في السجن؟ وما التهم التي يمكن أن توجه إليه؟ ثم يطلب منه أن يعود إلى نفسه، وأن يتأمل واقعه، وأن يعترف بجميع الخطايا التي يمليها عليه ضميره، ويسأله عن أسرته وأصدقائه ومعارفه وجميع الأماكن التي عاش فيها، أو كان يتردد عليها، وخلال إجابة المتهم لا يُقاطع، يُترك ليتحدث كما يشاء، ويسجل عليه الكاتب كل ما يقول، ويُطلب منه أن يؤدي بعض الصلوات المسيحية؛ ليعرف المحققون ان كان بالفعل أصبح مسيحياً أو ما زال مسلماً؛ ودرجة إيمانه بالمسيحية.
وبعد هذه المقابلات البطيئة الروتينية، يقرأ أخيراً المدَّعي العام على المتهم قائمة الاتهامات الموجهة إليه، وهي اتهامات تم وضعها بناء على ما استنتجته هيئة المحكمة من استنطاق المتهم، ولا تستند إلى أدلة من نوع ما، ولا يهم دفاع المتهم عن نفسه؛ إذ إن قانون المحكمة الأساسي أن الاعتراف سيد الأدلة، وما على المتهم إلا أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، ولا تهم الأساليب التي يؤخذ بها الاعتراف، فإن اعترف المتهم تهرباً من التعذيب الذي سينتظره، أضاف المدعي العام إليه تهماً أخرى.
وفي النهاية يرى المحقق أن المتهم يجب أن يخضع للتعذيب؛ لأنه إنما يعترف تهرباً من قول الحقيقة ، أي: أن التعذيب لابد منه، سواء اعترف المتهم أم لم يعترف .
بعد منع الشراب عن المتهم حتى يصبح نحيلا غير قادر على الحركة تأتى عمليات الجلد ونزع الأظفار، والكي بالحديد المحمي، ونزع الشعر، ومواجهة الحيوانات الضارية، والإخصاء، ووضع الملح على الجروح، والتعليق من الأصابع, وخلال كل عمليات التعذيب يسجل الكاتب كل ما يقوله المتهم من صراخ وكلمات وبكاء، ولا يستثنى من هذا التعذيب شيخ أو امرأة أو طفل، وبعد كل حفلة تعذيب، يترك المتهم يوماً واحداً ثم يُعرض عليه ما قاله في أثناء التعذيب من تفسيرات القضاة، فإذا كان قد بكى وصرخ: يا الله، يفسر القاضي أن الله التي لفظها يقصد بها رب المسلمين، وعلى المتهم أن ينفي هذا الاتهام أويؤكده ؛ وعلى أي حال يجب ان يتعرض لتعذيب من جديد؛ وهكذا يستمر في سلسلة لا تنتهي من التعذيب .
مما يذكر॥ أن هناك عذابا اختص به النساء وهو تعرية المرأة إلا ما يستر عورتها ، وكانوا يضعون المرأة في مقبرة مهجورة ويجلسونها على قبر من القبور ، ويضعون رأسها بين ركبتيها ويشدون وثاقها ، وهي على هذه الحالة السيئة ، ولا يمكنها الحراك ، وكانوا يربطونها إلى القبر بسلاسل حديدية ، ويرخون شعرها فيجللها وتظهر لمن يراها عن كثب كأنما هي جنيَّة لا سيما إذا ما أرخى الليل سدوله، وتترك المسكينة على هذه الحال إلى أن تجن أو تموت جوعا ورعبا .

وبعد ذلك يتم أصدار الحكم على المتهم كما يزعمون :

الأول: البراءة: وهو حكم نادراً ما حكمت به محاكم التفتيش، وعندها يخرج المتهم بريئاً، لكنه يعيش بقية حياته معاقاً محطماً بسبب التعذيب الذي تعرض له، وعندما يخرج يجد أن أمواله قد صودرت، ويعيش منبوذاً؛ لأن الآخرين يخافون التعامل معه، أو التحدث إليه؛ خوفاً من أن يكون مراقباً من محاكم التفتيش، فتلصق بهم نفس التهم التي ألصقت به .

ثانياً: الجلد: وقد كان المتهم يساق إلى مكان عام عارياً تماماً وينفذ فيه الجلد، وغالباً ما كان يموت تحت وطأة الجلد، فإن نفذ وكتبت له الحياة يعيش كوضع المحكوم بالبراءة من حيث الإعاقة ونبذ المجتمع له .

ثالثاً: الإعدام : وهو الحكم الأكثر صدوراً عن محاكم التفتيش؛ ويتم الإعدام حرقاً وسط ساحة المدينة .

وفي بعض المراحل صارت المحاكم تصدر أحكاماً بالسجن، وبسبب ازدحام السجون صارت تطلق سراح بعضهم وتعدم آخرين من دون أي محاكمات، وفي بعض الحالات تصدر أحكاماً بارتداء المتهم لباساً معيناً طوال حياته، مع إلزام الناس بسبه كلما سار في الشارع أو خرج من بيته، وفي هذه الأحكام كما قلنا لا يُستثنى أحد بسبب العمر، فهناك وثائق تشير إلى جلد طفلة عمرها أحد عشر عاماً مئتي جلدة، وجلد شيخ في التسعين من عمره ثلاثمائة جلدة، وحتى الموتى كانوا يخضعون للمحاكمة فيتم نبش قبورهم.


ورغم كل هذا التعذيب الذى لا يحتمل وكل الألام والمعاناة هناك من ثبت الله قلوبهم على كلمة الأسلام ولذلك تم طرد هؤلاء الموريسكيون الثابتون على دينهم من أسبانيا , ولم يحل شهر أكتوبر عام (1609م) حتى عمَّت موانئ المملكة وبلنسية من لقنت جنوباً إلى بني عروس شمالاً حركة كبيرة، فرحل بين (9-1606م) إلى (1-1610م) نحو (120) ألف مسلم من موانيء لقنت ودانية والجابية ورصافة وبلنسية وبني عروس وغيرها .

وفي (5-1611م) صدر قرار إجرامي للقضاء على المتخلفين من المسلمين في بلنسية، يقضي بإعطاء جائزة ستين ليرة لكل من يأتي بمسلم حي، وله الحق في استعباده، وثلاثين ليرة لمن يأتي برأس مسلم قتل، وقد بلغ عدد من طُرِد من إسبانيا في الحقبة بين سنتي (1609 1614م) نحو (327.000) ألف شخص، مات منهم (65.000) ألف غرقاً في البحر، أو قتلوا في الطرقات، أوضحية المرض، والجوع، والفاقة، وقد استطاع (32.000) ألف شخص من المطرودين العودة إلى ديارهم في الأندلس، بينما بقي بعضهم متستراً في بلاده بعد الطرد العام لهم، وقد استمر الوجود الإسلامي بشكل سري ومحدود في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وهكذا حكمت محاكم التفتيش في غرناطة سنة (1726م) على ما لا يقل عن (1800) شخص، بتهمة اتباع الدين الإسلامي، وفي (9-5-1728م)، احتفلت غرناطة ب(أوتوداف) ضخم، حيث حكمت محاكم التفتيش على 64 غرناطياً بتهمة الانتماء للإسلام، وفي (10-10-1728)، حكمت محكمة غرناطة مرة أخرى على ثمانية وعشرين شخصاً بتهمة الانتماء إلى الإسلام، وتابعت محاكم غرناطة القبض على المتهمين بالإسلام إلى أن طلبت بلدية المدينة من الملك سنة (1729م) طرد كل الموريسكيين حتى تبقى المملكة نقية من الدم الفاسد.
وفي سنة (1769م) تلقى ديوان التفتيش معلومات عن وجود مسجد سري في مدينة قرطاجنة مقاطعة مرسي،فتم إلقاء القبض على أكثر من مائة (مورسكي) حوكموا وأعدم معظمهم علنا

بعد مرور أربعة قرون على سقوط الأندلس، أرسل نابليون حملته إلى أسبانيا وأصدر مرسوماً سنة 1808 م بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الأسبانية

يروى أحد ضباط الجيش الفرنسي الذي دخل إلى إسبانيا بعد الثورة الفرنسية ( كتب (الكولونيل ليموتسكي) أحد ضباط الحملة الفرنسية في إسبانيا قال: " كنت سنة 1809 ملحقاً بالجيش الفرنسي الذي يقاتل في إسبانيا وكانت فرقتي بين فرق الجيش الذي احتل (مدريد) العاصمة وكان الإمبراطور نابيلون أصدر مرسوماً سنة 1808 بإلغاء دواوين التفتيش في المملكة الإسبانية غير أن هذا الأمر أهمل العمل به للحالة والإضطرابات السياسية التي سادت وقتئذ.
وصمم الرهبان الجزوبت أصحاب الديوان الملغى على قتل وتعذيب كل فرنسي يقع في أيديهم انتقاماً من القرار الصادر وإلقاءً للرعب في قلوب الفرنسيين حتى يضطروا إلى إخلاء البلاد فيخلوا لهم الجو.
وبينما أسير في إحدى الليالي أجتاز شاراً يقل المرور فيه من شوارع مدريد إذ باثنين مسلحين قد هجما عليّ يبغيان قتلي فدافعت عن حياتي دفاعاً شديداً ولم ينجني من القتل إلا قدوم سرية من جيشنا مكلفة بالتطواف في المدينة وهي كوكبة من الفرسان تحمل المصابيح وتبيت الليل ساهرة على حفظ النظام فما أن شاهدها القاتلان حتى لاذا بالهرب. وتبين من ملابسهما أنهما من جنود ديوان التفتيش فأسرعت إلى (المارشال سولت) الحاكم العسكري لمدريد وقصصت عليه النبأ وقال لا شك بأن من يقتل من جنودنا كل ليلة إنما هو من صنع أولئك الأشرار لا بد من معاقبتهم وتنفيذ قرار الإمبراطور بحل ديوانهم والآن خذ معك ألف جندي وأربع مدافع وهاجم دير الديوان واقبض على هؤلاء الرهبان الأبالسة .. "
حدث إطلاق نار حتى دخلوا عنوة ثم يتابع قائلاً " أصدرتُ الأمر لجنودي بالقبض على أولئك القساوسة جميعاً وعلى جنودهم الحراس توطئة لتقديمهم إلى مجلس عسكري ثم أخذنا نبحث بين قاعات وكراس هزازة وسجاجيد فارسية وصور ومكاتب كبيرة وقد صنعت أرض هذه الغرفة من الخشب المصقول المدهون بالشمع وكان شذى العطر يعبق أرجاء الغرف فتبدو الساحة كلها أشبه بأبهاء القصور الفخمة التى لا يسكنهإ إ لاملوك
قصروا حياتهم على الترف واللهو، وعلمنا بعد أنَّ تلك الروائح المعطرة تنبعث من شمع يوقد أمام صور الرهبان ويظهر أن هذا الشمع قد خلط به ماء الورد ", وكادت جهودنا تذهب سدى ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب، إننا فحصنا الدير وممراته وأقبيته كلها فلم نجد شيئاً يدل على وجود ديوان للتفتيش، فعزمنا على الخروج من الدير يائسين، كان الرهبان أثناء التفتيش يقسمون ويؤكدون أن ما شاع عن ديرهم ليس إلا تهماً باطلة، وأنشأ زعيمهم يؤكد لنا براءته وبراءة أتباعه بصوت خافت وهو خاشع الرأس، توشك عيناه أن تظفر بالدموع، فأعطيت الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن اللفتنانت 'دي ليل' استمهلني قائلاً: أيسمح لي الكولونيل أن أخبره أن مهمتنا لم تنته حتى الآن؟!! قلت له: فتشنا الدير كله، ولم نكتشف شيئاً مريباً، فماذا تريد يا لفتنانت؟! قال: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف، فإن قلبي يحدثني بأن السر تحتها.

عند ذلك نظر الرهبان إلينا نظرات قلقة، فأذنت للضابط بالبحث، فأمر الجنود أن يرفعوا السجاجيد الفاخرة عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء بكثرة في أرض كل غرفة على حدة -وكنا نرقب الماء- فإذا بالأرض قد ابتلعته في إحدى الغرف، فصفق الضابط 'دي ليل' من شدة فرحه، وقال: ها هو الباب، انظروا، فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب رجل مكتب رئيس الدير.

أخذ الجنود يكسرون الباب بقحوف البنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وعلتها الغبرة , وفُتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعت إلى شمعة كبيرة يزيد طولها على متر، كانت تضئ أمام صورة أحد رؤساء محاكم التفتيش السابقين، ولما هممت بالنزول، وضع راهب يسوعى يده على كتفي متلطفاً، وقال لي: يابني: لا تحمل هذه الشمعة بيدك الملوثة بدم القتال، إنها شمعة مقدسة.

قلت له: يا هذا إنه لا يليق بيدي أن تتنجس بلمس شمعتكم الملطخة بدم الأبرياء، وسنرى من النجس فينا، ومن القاتل السفاك!؟!

وهبطت على درج السلم يتبعني سائر الضباط والجنود، شاهرين سيوفهم حتى وصلنا إلى آخر الدرج، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها.


وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء، ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض,رأيت فيها ما يستفز نفسي، ويدعوني إلى القشعريرة والتـقزز طوال حياتي.


رأينا غرفاً صغيرةً في حجم جسم الإنسان، بعضها عمودي وبعضها أفقي، فيبقى سجين الغرف العمودية واقفاً على رجليه مدة سجنه حتى يموت، ويبقى سجين الغرف الأفقية ممداً بها حتى الموت، وتبقى الجثث في السجن الضيق حتى تبلى، ويتساقط اللحم عن العظم، وتأكله الديدان، ولتصريف الروائح الكريهة المنبعثة من جثث الموتى فتحوا نافذة صغيرة إلى الفضاء الخارجي.

وقد عثرنا في هذه الغرف على هياكل بشرية ما زالت في أغلالها.

كان السجناء رجالاً ونساءً، تتراوح أعمارهم ما بين الرابعة عشرة والسبعين، وقد استطعنا إنقاذ عدد من السجناء الأحياء، وتحطيم أغلالهم، وهم في الرمق الأخير من الحياة.

كان بعضهم قد أصابه الجنون من كثرة ما صبوا عليه من عذاب، وكان السجناء جميعاً عرايا، حتى اضطر جنودنا إلى أن يخلعوا أرديتهم ويستروا بها بعض السجناء.

أخرجنا السجناء إلى النور تدريجياً حتى لا تذهب أبصارهم، كانوا يبكون فرحاً، وهم يقبِّلون أيدي الجنود وأرجلهم الذين أنقذوهم من العذاب الرهيب، وأعادوهم إلى الحياة، كان مشهداً يبكي الصخور.

ثم انتقلنا إلى غرف أخرى، فرأينا فيها ما تقشعر لهوله الأبدان، عثرنا على آلات رهيبة للتعذيب، منها آلات لتكسير العظام، وسحق الجسم البشري، كانوا يبدؤون بسحق عظام الأرجل، ثم عظام الصدر والرأس واليدين تدريجيا، حتى يهشم الجسم كله، ويخرج من الجانب الآخر كتلة من العظام المسحوقة، والدماء الممزوجة باللحم المفروم، هكذا كانوا يفعلون بالسجناء الأبرياء المساكين.


ثم عثرنا على صندوقٍ في حجم جسم رأس الإنسان تماماً، يوضع فيه رأس الذي يريدون تعذيبه بعد أن يربطوا يديه ورجليه بالسلاسل والأغلال حتى لا يستطيع الحركة، وفي أعلى الصندوق ثقب تتقاطر منه نقط الماء البارد على رأس المسكين بانتظام، في كل دقيقة نقطة، وقد جُنَّ الكثيرون من هذا اللون من العذاب، ويبقى المعذب على حاله تلك حتى يموت.


وآلة أخرى للتعذيب على شكل تابوت تثبت فيه سكاكين حادة.

كانوا يلقون الشاب المعذب في هذا التابوت، ثم يطبقون بابه بسكاكينه وخناجره. فإذا أغلق مزق جسم المعذب المسكين، وقطعه إرباً إرباً.

كما عثرنا على آلات كالكلاليب تغرز في لسان المعذب ثم تشد ليخرج اللسان معها، ليقص قطعة قطعة، وكلاليب تغرس في أثداء النساء وتسحب بعنفٍ حتى تتقطع الأثداء أو تبتر بالسكاكين.

وعثرنا على سياط من الحديد الشائك يُضرب بها المعذبون وهم عراة حتى تتفتت عظامهم، وتتناثر لحومهم ]

هذا العذاب كان موجهاً ضد الطوائف المخالفة من المسيحيين فماذا كانوا يفعلون بالمسلمين؟؟ … أشد وأنكى لا شك.

_________________________________________________

يرى المستشرق البريطاني (وول سميث) أن الكنيسة ليست مسؤولة مباشرة عن الجرائم التي ارتكبت عبر محاكم التفتيش، ولكن كان على رجال الدين المسيحي في إسبانيا أن يخوضوا معركة ضد الوجود الإسلامي بعد خروج العرب من أسبانيا فاضطروا إلى محاكم التفتيش التي تمادى القائمون عليها في تصرفاتهم فيما بعد , وهذا ما قاله العديد من المؤرخين الأوروبيين أنه خطأ غير مقصود ان كان قتل الألاف وطرد غيرهم وسفك الأعراض وتعذيب كل من وجد مسلما طفلا أو شيخا أو أمرأة خطأ غير مقصود لأكثر من ثلاث قرون فما هو أذا الخطأ المقصود , وكيف هى أذا المذابح
لمجرد خرافة يهودية لم تثبت صحتها أعتذرت ألمانيا ومازالت تعتذر لليهود وتقدم المعونات والعالم كله يتعاطف معهم , فكيف من المفترض أن يكون حالهم مع من ثبت بدون مجال للشك تعذيبهم بأشبع ما عرفته البشرية من وحشية وعرفه العالم أجمع , أتعرفون كيف كان الرد بكل بساطة وسهولة قيام مجموعة من المؤرخين بتقديم طلب للكنيسة بتقديم أعتذار للمسلمين عما حدث فى الأندلس فى عام 2002
وهناك المزيد سيتعجب البعض من قرارات الحكومة الأسبانية المعاصرة ولكن من يدرك حقيقة ما حدث فلن يتعجب لذلك القرار الذى أعطى الحق لليهود من أصول عائلات يهودية أساوطنت أسبانيا فى الماضى بأن لهم الحق فى الجنسية كما قدمت لهم أعتذارا وررغم ذلك ترفض أعطائها للمسلمين الذين يعيشون فى المغرب وينتمون لأصول أسبانية ( أحفاد الموريسكيين ) والذى مازال البعض منهم يتوارث عقود ملكية لبيوت فى أسبانيا كما يتوارثون مفاتيحها وبالرغم من أن الجنسية الاأسبانية تمنح لأى أمريكى لاتينى بشرط أن يغعيش فى أسبانيا لعامين الا أنها لا تمنح لأحفاد الموريسكيين أو لأى مغربى الا بعد أنقضاء عشرة سنوات على أقامتهم فى أسبانيا


Wednesday, March 26, 2008

الموريسكيون ومحاكم التفتيش

الموريسكيون هم المسلمون الذين أظهروا مجبرين وعاشوا في بلادهم الاندلس بعد سقوطها ، فكانوا يقيمون الصلاة في منازلهم، ويغتسلون، ويمارسون شعائرهم بصورة سرية
وكتبوا القرآن الكريم سراً باللغة العربية، مقروناً بشروح وتراجم الخميادية، ( ألالخميادو هي اللغة التي اتخذها الموريسيكيون بعد أن مُنعوا من استعمال العربية، وقد عرّفها مننديت أي بلايو (بأنها اللغة الرومانية القشتالية، تكتب بأحرف عربية).
وقد استعمل الموريسيكيون هذه اللغة في كتابة سيرة الرسول والمدائح النبوية، وقصص الأنبياء، وبعض كتب الفقه، والحديث، مع كتابة البسملة والآيات القرآنية دائماً خلال هذه الشروح السرية باللغة العربية، وقد كانت معظم الكتب الالخميادية تكتب بالشكل الكامل، حتى يمكن قراءتها بطريقة صحيحة.
وقد ترك الموريسكيون تراثاً أدبياً من النثر والنظم استعملوا بالالخميادو , وتوجد منه مجموعات كثيرة في مكتبة مدريد الوطنية، ومكتبة أكاديمية التاريخ.
ولكن محاكم التفتيش لاحقت الموريسكيين، فحضرت عليهم كل ممارسة أو شعيرة إسلامية يمارسونها في الخفاء، حتى انها وضعت قائمة طويلة بهذه المحضورات، ومنها:
ان الموريسكي أو العربي المنتصر، يعتبر انه قد عاد الى الاسلام، اذا امتدح محمداً، أو قال إن يسوع المسيح ليس إلهاً.
ومنها:
ان يحتفل يوم الجمعة بأن يلبس ثياباً أنظف من ثيابه العادية، أو يستقبل المشرق قائلاً "باسم الله" أو يختن أولاده، أو يسميهم بأسماء عربية، أو يقسم بايمان القرآن أو يصوم رمضان ويتصدق خلاله، أو يمتنع عن أكل لحم الخنزير وشرب الخمر، أو يقوم بالوضوء والصلاة بأن يوجه وجهه نحو المشرق، الى غير ذلك من الامور التي لا نهاية لها।

عهد شارل الخامس (1500-1558 ):

وكان قد صدر قانون في عهد شارل الخامس ملك إسبانيا المعروف باسم باسم كارلوس الأول سنة 1526م، يحرم على الموريسكيين التخاطب اللغة العربية، وارتداء الثياب العربية، واستعمال العمامات، واقامة الحفلات على الطريقة الاسلامية
وذلك بعد أن حاول الموريسكيون الأستغاثة بالملك شارل وبعثوا اليه وفدا أملين أن يرفع عنهم بعض معاناتهم وأضطهادهم , فندب شارك محكمة كبرى من النواب والأحبار والقادة وقضاة التحقيق , برئاسة المحقق العام فى شكوى المسلمين ,ولتقرير أذا كان التنصير الذى وقع على المسلمين بالأكراه ملزما بمعنى أنه يحتم عقاب المخالف بالموت .
وتم أصدار قرار بأن التنصير سليم لا تشوبه شائبة وسارع الموريسكيون بقبوله أتقاء ما سيحدث , وعلى ذلك صدر القرار بقتل من يرتد عن المسيحية ولزم أجبار تنصير الأطفال وتحويل جميع المساجد لكنائس.
وعلى ذلك تم حرق أثنين من الموريسكيون فى أحتفال دينى ضخم لمخالفتهم للوائح الممنوعات والتى ذكر منها أجاههم للقبلة وختان أولادهم والاغتسال من الجنابة.. وفي سنة 1555م توفي شارل الخام

عهد فيليب الثانى (1556-1598):

خلف شارل ولده الملك فيليب الثاني الذى كان توليه عرش أسبانيا محنة لا يمكن تخيلها للموريسكيين فبدأ حملة اضطهاد غير مسبوقة, فحدد ذلك القانون القديم بتحريم استعمال اللغة العربية، وسائر ما هو عربي من العادات والتقاليد، وأعلن قانوناً في غرناطة أول يناير سنة 1567م في اليوم الذي سقطت فيه غرناطة، ينص على انه:
يمنح الموريسكيون ثلاثة أعوام لتعلم اللغة القشتالية، ثم لا يسمح بعد ذلك لأحد منهم ان يتكلم، أو يكتب، أو يقرأ اللغة العربية، أو يتخاطب بها، وكل معاملات أو عقود تجري بالعربية تكون باطلة، ولا يعتد بها لدى القضاء أو غيره ويجب ان تسلم الكتب العربية، من أية مادة، لتُقرأ وتُفحص، ثم يُرد غير الممنوع منها لتبقى لدى أصحابها مدى الاعوام الثلاثة فقط.
وكذلك الثياب العربية، فلا يصنع منها أي جديد، ولا يُصنع إلاّ ما كان مطابقاً لأزياء النصارى، ويحضر على النساء الموريسكيات التحجب، وعليهن أن يكشفن وجوههن، وأن يرتدين المعاطف والقبعات عند الخروج، ويجب أن تجري سائر حفالتهم طبقاً لتقاليد الكنيسة وعُرف النصارى، ويجب أن تُفتح المنازل أثناء الاحتفال بأية مناسبة، وكذلك أيام الجمع والاعياد ليستطيع القس ورجال السلطة أن يروا ما يقع بداخلها من المظاهر والرسوم المحرمة، ويحرم إنشاد الأغاني القومية، ويحرم الخضاب بالحناء، ولا يسمح بالاستحمام في الحمامات، ويجب أن تُهدم سائر الحمامات العامة والخاصة.
لم يتوقف اضطهاد الموريسكيين عند هذا الحد، وانما تواصل حتى انتهى الى ان يتخذ مجلس الدولة قراراً بالإجماع في 30/1/1608م، ينص على طرد الموريسكيين من بلادهم، ونفيهم الى خارج اسبانيا، وقد اتخذت تدابير قمعية رهيبة أزاء من تخلف منهم عن الرحيل، فمثلاً صدر قرار عام 1611م، بالنسبة للمتخلفين من المسلمين في بلنسية ( فالنسيا حاليا ) يقضي بإعطاء جائزة ستين ليرة، لكل من يأتي بمسلم حي، وله الحق في استعباده، وثلاثين ليرة لمن يأتي برأس مسلم قُتل.
لقد لخص العلامة الاسباني الدون برونات، في كتابه "الموريسكيون الاسبان ونفيهُم" بعض ما لحق الآداب والفنون في أسبانيا من ظلامية ونضوب، بفعل نفي الموريسكيين وابادتهم بقوله:
(ان السياسة الاسبانية لم تكتف بنفي الموريسكيين، وما ترتب عليه من نضوب حقولنا ومصانعنا وخزائننا، ولم يقتصر الأمر على انتصار التعصب وبربرية "ديوان التحقيق"، بل تعداه الى اختفاء الشعر، وشعور الجمال الموريسكي، والادب السليم، الذي رفع سمعة تاريخنا... انه اختفى بنفي الموريسكيين الأدب المعطر، والشاعرية الشعبية، والخيال الممتع، ومصدر الوحي الذي كانوا يمثلونه وقد غاض باختفائهم من شعرنا، هذا التلوين، والفن والحيوية، والالهام والحماسة، التي كانت من خواصهم، وحل محلها الظلام في الأفق الأدبي، خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر).

وعندها قامت الثورة الشاملة وكان مركز الثورة في منطقة جبل 'الشارات' واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوت صيحة الحرب القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه 'محمد بن أمية' يرجع أصله إلى بنى أمية الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة أخرى.

حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في أسبانيا وأوروبا، فأعدت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو 'الدون خوان'، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس وكانت حينها الدولة العثمانية فى أوج انتصاراتها فى شرق أوروبا ، وكان الأسبان يقتلون من يقع في أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل الأمير 'محمد بن أمية' قبل أن يحقق هدفه المنشود।

بعد اغتيال 'محمد بن أمية' أختار الثوار ابن عم القتيل 'مولاي عبد الله محمد' ليكون قائدا جديدا لهم ، وكان أكثر فطنة وروية وتدبرا فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني واستطاع أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة 'أرجبة' التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة
حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها يقودهم 'الدون خوان'، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة 'جليرا' ورغم بسالة الثوار سقطت المدينة فى النهاية ودخلها الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، وحاول 'الدون خوان' مطاردة فلول الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة 'بسطة' وأوقع الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان ، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في مصالحة الثوار المسلمين فعرضت عليهم معاهدة سلام لإنهاء القتال، فبعث 'الدون جوان' إلى أحد الثائرين واسمه 'الحبقى' وقد لمحت فيه إسبانيا الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفة في السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فورا وفى سبيل ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف عشرين يوما من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعد بالبحث فيها ودراستها,وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتل ما عدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة ( النساء سبايا والأطفال ينصرون).
كانت شروط السلام المزعوم كفيلة بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدة الجائرة التي لا تعطى المسلمين شيئا وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقاف ثورة المسلمين فقط لا غير، وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهد لهم ولا ذمة، فانقلب النصارى يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًا من اشترك في الثورة أم لم يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك ولكنها غير حاسمة، وفى نفس الوقت أبقى الأسبان على خط التفاوض مع الزعيم 'الحبقى' الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوار المسلمين.
سار مجرى القتال في غير صالح المسلمين وبدأ مولاى عبدالله بن محمد يفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط السابقة، وتدخل بعض زعماء الأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن 'الحبقى' استبق الجميع وشق صف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن معه، وذهب بسرية من فرسانه إلى معسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى قائدهم 'الدون خوان'
وفى ظل أدراك المسلمون نية الصليبيين في نفيهم بالكلية عن الأندلس، والذى قامت الثورة لمحاربته فى الاساس فقرر مجلس قيادة الثورة إعدام 'الحبقى'
وأعلن عن أستئناف الثورة , ومضى الاسبان في القتل والتخريب لكل ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول
كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس الموريسكيين حيث فر كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في إفريقية، وفى 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فليب الثاني قراراً بنفي الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم ، ووقع تنفيذ القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي حيث السفك والنهب والاغتصاب، وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش والمرض ثم وضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن المتابعة والرقابة الدائمة، وعين لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم ووضعت لهم جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.
لم يبق أمام الأسبان سوى مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذى ظل على مقاومته معتصما فى أعماق الجبال يشن منها حرب عصابات على القوات الأسبانية , وعلى قدر ما تسببت هذه الحروب فى خسائر على قدر ما أنهكت الجيش الصغير , وكعادتهم حاول أستقبط الأسبان أحد جنود مولاى عبدالله بالوعود أذا سلمهم أياه حيا أو ميتا , وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة.
________________________________

من أحد القصص الواقعية لأحد الموريسكيين كما رواها الشيخ على الطنطاوى هى قصة
محمد بن رفيع الأندلسي
هو محمد بن عبد الرفيع بن محمد الشريف الحسيني الجعفري المرسي الاندلسي وهو من مسلمى الأندلس كانا والداه من الموريسكيون وكانا يخفيان الأمر حتى عن أبنهما ويشاهدانه يوميا يذهب ويعود من المرسة ويتعلم النصرانية وهم لا يستطيعون أخباره ويكتفون بالحزن الشديد حتى اذا بلغ العاشرة قرر والده اخباره عن سره ولكنه اخذ منه الايمان الا يخبر احدا ولا والدته وحذره ان هذا الامر فيه نهايته اذا علم احد به ثم اخذ يعلمه الاسلام واحكام الصلاة وقراءة القران وعرفه ذات يوم على صديق له من الموريسكيين ايضا وامره ان يطيعه ثم ذات مره اخذه صديق والده هذا وتخفيا وذهبا الى المغرب وهو لا يعلم ما يحدث حتى اذا وصلا اخبره ان والداه تم القبض عليهما من قبل محاكم التفتيش

Tuesday, March 25, 2008

محاكم التفتيش --الجزء الاول

فى عام 1491 تم ابرام اتفاق تسليم غرناطة بين أخر ملوك المسلمين فى الاندلس محمد عبد الله ب أبى الحسن بن الاحمر (الملقب ب محمد الصغير) وملك أسبانيا فرديناند وهو أول ملوك أسبانيا بعد أتحاد مملكتى قشتالة وأراجون بزواج أيزابيلا وريثة عرش قشتالة وفرديناند ملك أراجون ونصت المعاهدة الموقعة بينهم على أن يسلم حكام غرناطة المدينة للأسبان لقاء ضمان خروج الحكام بأموالهم إلى شمال إفريقيا، كما تضمنت المعاهدة ثمانية وستين بنداً منها: تأمين الصغير والكبير على النفس والمال والأهل، وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم وعقارهم، وأن تبقى لهم شريعتهم يتقاضون فيها، وأن تبقى لهم مساجدهم وأوقافهم، وألا يدخل الكاثوليك دار مسلم، وألا يغصبوا أحداً، وألا يولى على المسلمين إلا مسلم، وأن يُطلق سراح جميع الأسرى المسلمين، وألا يؤخذ أحد بذنب غيره ؛ وألا يُرغم من أسلم من الكاثوليك على العودة إلى دينه، وألا يعاقب أحد على ما وقع ضد الكاثوليكية في زمن الحرب، وألا يدخل الجنود الأسبان إلى المساجد، ولا يلزم المسلم بوضع علامة مميزة، ولا يمنع مؤذن ولا مصل ولا صائم من أمور دينه... وللتأكد من أن يفى ملك أسبانيا بعهده وألا يخونه كسابقيه طلب من أيزابيلا وفرديناند أن يقسما على هذا العهد كما أن يقسم له البابا فى رزما على تنفيذ فرديناند لهذه المعاهده , وبناء على هذه المعاهدة خرج أبوعبدالله ابن أبي الحسن ملك غرناطة صباح يوم (2-1-1492م)، من قصر الحمراء حاملاً مفاتيح مدينته وملكه الزائل فاعطاها الملكة ايزابيلا وزوجها فرديناند
وقد أشتهرت مقولة والدة محمد الصغير ( فاطمة الحرة ) له فى احدى الايام وهو يقف على ربوة عالية فى المغرب تطل على قصر الحمراء أبك كالنساء على ملك لم تحمه كالرجال .
وبعد تأكد فرديناند والبابا من أستلامهم مفاتيح غرناطة أعلنت عن محاكم التفتيش فى أسبانيا (بدأت هذه المحاكم فى القرن الثالث عشر لإرهاب (الهراطقة) الخارجين عن الكنيسة لكن أشنع فصولها بدأ بسقوط غرناطة )، وانتقلت من أسبانيا إلى بقية أقاليم الكنيسة، وكانت المحكمة الأم لها هي 'المحكمة المقدسة' في روما، ولا يكاد المؤرخون الغربيون يتعرضون للحديث عنها إلا ويصيبهم الاضطراب، وتتفجر كلماتهم رعباً، فما بالك بالضحايا الذين أزهقت أرواحهم والسجناء الذين أذاقتهم ألوان المر والنكال!
هذه المحاكم أو بالأحرى المجازر التى لم يرى فى بشاعتها من قبل ولا فى فظاعتها والتى كانت تتم على يد الكنيسة وأعوانها وتجاوز فى فظاعته ما فعلته الكنيسة مع علماء أوروبيين مسيحيين , تجاوز بمراحل عن أى شئ قد نسمع عنه أو نراه ولا حتى فى أفلام الرعب وغيرها , فاق هذا التعذيب أى تصور بشرى , حتى أن جنود نابليون عندما دخلوا أسبانيا أغمى عليهم من هول ما رأوه من أجهزة ومعدات كان يعذب بها المسلمون ولم يتصوروا أنه تم تعذيب لا انسان ولا حيوان بمثل هذه الادوات .

..................................

فور دخول الإسبان إلى غرناطة نقضوا المعاهدة التي أبرموها مع حكامها المسلمين؛ إذ كان أول عمل قام به الكاردينال مندوسي عند دخول الحمراء هو نصب الصليب فوق أعلى أبراجها، وترتيل صلاة الحمد الكاثوليكية،وحول مسجد غرناطة الأعظم إلى كاتدرائية،ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس. وبعد أيام عدة أرسل أسقف غرناطة رسالة عاجلة للملك الإسباني يعلمه فيها أنه قد أخذ على عاتقه حمل المسلمين في غرناطة وغيرها من مدن إسبانيا على أن يصبحوا كاثوليكاً؛ وذلك تنفيذاً لرغبة السيد المسيح عليه السلام الذي ظهر له، وأمره بذلك كما ادَّعى، فأقره الملك على أن يفعل ما يشاء لتنفيذ رغبة السيد المسيح عليه السلام، عندها بادر الأسقف إلى احتلال المساجد ومصادرة أوقافها، وأمر بتحويل المسجد الجامع في غرناطة إلى كنيسة، فثار المسلمون هناك دفاعاً عن مساجدهم، لكن ثورتهم قمعت بوحشية مطلقة، وتم إعدام مئتين من العلماء المسلمين حرقاً في الساحة الرئيسة بتهمة مقاومة المسيحية .

وظهرت محاكم التفتيش تبحث عن كل مسلم لتحاكمه على عدم تنصره، فهام المسلمون على وجوههم في الجبال، وأصدرت محاكم التفتيش الإسبانية تعليماتها للكاردينال (سيسزوس) لتنصير بقية المسلمين في أسبانيا، والعمل السريع على إجبارهم على أن يكونوا نصارى، وأحرقت المصاحف، وكتب التفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، وكانت محاكم التفتيش تصدر أحكاماً بحرق المسلمين على أعواد الحطب وهم أحياء في ساحة من ساحات مدينة غرناطة، أمام الناس، وقد استمرت هذه الحملة الظالمة على المسلمين حتى عام (1577م)، وراح ضحيتها حسب بعض المؤرخين الغربيين أكثر من نصف مليون مسلم تخيلوا هذا العدد فى هذا الوقت من الزمان كان ضخما جدا يعادل الأن بمقاييس زماننا (الذى بلغ فيه عدد سكان العالم ما يقارب 7 مليارات ) ما يجاوز 10 مليونا ، وتم تنصير البقية الباقية من المسلمين بالقوة، ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس، وفي يوم (12-10-1501)، صدر مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، ثم تتابع حرق الكتب في جميع المدن والقرى، ثم جاءت الخطوة التالية، عندما بدأ الأسقف يقدم الإغراءات الكثيرة للأسر المسلمة الغنية حتى يعتنقوا الكاثوليكية، ومن تلك الإغراءات: تسليم أفرادها مناصب عالية في السلطة، وقد استجاب له عدد محدود جداً من الأسر الغنية المسلمة، وهو ما أثار غضب العامة من المسلمين فهاجموا أسر الذين اعتنقوا الكاثوليكية وأحرقوا بعضها، عندها أعلن الكاردينال (خيمينيث) أن المعاهدة التي تم توقيعها مع حكام غرناطة لم تعدصالحة أو موجودة، وأعطى أوامره بتنصير جميع المسلمين في غرناطة دون الأخذ برأيهم،أو حتى تتاح لهم فرصة التعرف إلى الدين الجديد الذي يساقون إليه، ومن يرفض منهم عليه أن يختار أحد أمرين:
1- إما أن يغادر غرناطة إلى أفريقيا دون أن يحمل معه أي شيء من أمواله، ودون راحلة يركبها هو أو أحد أفراد أسرته من النساء والأطفال، وبعد أن يشهد مصادرة أمواله.
2- وإما أن يُعدم علناً في ساحات غرناطة باعتباره رافضاً للنصرانية.
كان من الطبيعي أن يختار عدد كبير من أهالي غرناطة الهجرة بدينهم وعقائدهم، فخرج قسم منهم تاركين أموالهم سيراً على الأقدام، غير عابئين بمشاق الطرقات، ومجاهل وأخطار السفر إلى أفريقيا من دون مال أو راحلة، وبعد خروجهم من غرناطة كانت تنتظرهم عصابات الرعاع الإسبانية والجنود الأسبان، فهاجموهم وقتلوا معظمهم، وعندما سمع الآخرون في غرناطة بذلك آثروا البقاء بعد أن أدركوا أن خروجهم من إسبانيا يعني قتلهم، وبالتالي سيقوا في قوافل للتنصير والتعميد كرهاً، ومن كان يكتشفه الأسبان أنه قد تهرب من التعميد تتم مصادرة أمواله وإعدامه علناً، وقد فرَّ عدد كبير من المسلمين الذين رفضوا التعميد إلى الجبال المحيطة في غرناطة محتمين في مغاورها وشعابها الوعرة، وأقاموا فيها لفترات، وأنشأوا قرى عربية مسلمة، لكن الملك الإسباني بنفسه كان يشرف على الحملات العسكرية الكبيرة التي كان يوجهها إلى الجبال، حيث كانت تلك القرى تُهدم ويُساق أهلها إلى الحرق أو التمثيل بهم وهم أحياء في الساحات العامة في غرناطة ,
وفي يوم 12 أكتوبر/ تشرين الأول 1501م أصدر الكردينال أخزيمينس مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فأمر بجمع كل ما يستطيع من كتب المسلمين و فيها من العلوم ما لا يقدر بثمن بل هى خلاصة ما تبقى من الفكر الإنسانى و أحرقها , فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، ثم تتابع حرق الكتب في جميع مدن وقرى مملكة غرناطة, يقول غوستاف لوبون متحسرا على فعلة ذلك الجاهل أكزيمينيس :-
(( ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب أعدائه العرب (أى ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد فما درى أن ما تركه العرب من الأثار التى تملأ بلاد اسيانية يكفى لتخليد إسمهم إلى الأبد ))
ولم يتردد المؤرخ الغربى(بروسكوت) أن يصف نقد الأسبان للمعاهدة بأنها أفضل مادة لتقدير الغدر الأسبانى .
و قد قد هدفت محاكم التفتيش إلى تنصير المسلمين بإشراف السلطات الكنسية و بأبشع الوسائل و لم تكن العهود التى قطعت للمسلمين لتحول دون النزعة الصليبية التى أسبغت على سياسة أسبانيا الغادرة ثوب الورع و الدين !!و لقد قاوم المسلمون التنصير و أبوه و بدأ القتل و التنكيل فيهم فثارو فى غرناطة و ريفها فمزقهم الأسبان بلا رحمة و فى عام 1501م أصدر الملكان الصليبيان مرسوما خلاصته:- (( إنه لما كان الرب قد إختارهما لتطير غرناطة من الكفرة(يعنيان عباد الله المسلمين) فإنه يحظر وجود المسلمين فيها و يعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال )) فهاجرت جموع المسلمين ‘إلى المغرب لتنجوا بدينها و من بقى من المسلمين أخفى إسلاه و أظهر تنصره فبدأت محاكم التفتيش نشاطها الوحشى المروع فحين التبليغ عن مسلم يخفى إسلامه يزج به فى السجون و كانت السجون وحشية رهيبة مظلمة عميقة تغص بالحشرات و الجرذان و يصفد فيها المتهمون بالأغلال بعدج مصادرة أموالهم لتدفع نفقات سجنهم!!
حتى أن القسيسين كتبوا على جميع من كان أسلم من النصارى أن يرجعوا قهراً الى الكفر، ففعلوا ذلك، وتكلم الناس ولا جهد لهم ولا قوة، ثم تعدوا الى أمر آخر، وهو أن يقولوا للرجل المسلم:
إن جدك كان نصرانياً فأسلم فترجع نصرانياً... وبالجملة فإنهم تنصروا عن آخرهم بادية وحاضرة، وامتنع قوم عن التنصر، واعتزلوا النصارى، فلم ينفعهم ذلك، وامتنعت قرى وأماكن كذلك، منها بلفيق وأندرش وغيرهما، فجمع لهم العدو الجموع واستأصلهم عن آخرهم قتلاً وسلباً, وكانت أحكام الاعدام بالنار كثيرة ضد المسلمين، وكانت تنفّذ في مهرجانات عظيمة يتفرج فيها القساوسة، ورجال الدولة، والاهالي، وأحياناً الملك، وكبار رجال دولته، وكان يحرق المتهمون جماعياً في مواكب الموت للترهيب، وأحياناً عائلات بأكملها، بأطفالها، ونسائها، وكانت محاكم التفتيش تحاكم الموتى، فتنبش قبورهم، وتتابع الغائبين، وتعاقب أهلهم، وكان اعضاؤها يتمتعون بالحصانة الكاملة.
وكان المتهم يسجن في سجن ضيق خشن، يُقَيد فيه بالأغلال، ويُحرَم من الطعام والشراب والنوم... وتلجأ المحكمة الى درجات أشد وأقسى من صنوف التعذيب، منها تعليق المتهم من يديه ورجليه على الحائط، ومنها دفع المتهم الى مكان عالٍ وإلقائه ليهوي الى الأرض، ومنها أيضاً الكي بشعلة ملتهبة.. وتعريض قدمي المتهم بعد أن تطليا بالشحم الى نار ملتهبة، ثم يظهر المفتش لانتزاع الاعتراف، وفي كثير من الحالات كان الكثير يموتون قبل الإدلاء بأي اعتراف.
وقد نجحت أساليب محاكم التفتيش، في جر الأب لأن يشهد على ابنه، والابن على أبويه، والزوج ضد زوجته، والزوجة على رجلها، وقد هنأ البابا جريجوري التاسع في احدى المرات المفتش الكنيسي العام في شمال فرنسا على نجاحه المنقطع النظير في إرهاب الناس، حتى شهد الكثيرون ضد ذويهم من لحمهم ودمهم.
ثم إن هناك من تنصر وهو مسلم فسموهم الموريسكيين لأنهم كانوا يتخوفون منهم فأصدر علماء المغرب في حقهم فتوى هذا نصها"الحمد لله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما"
اخواننا القابضين على دينهم، كالقابض على الجمر، من أجزل الله ثوابهم فيما لقوا في ذاته. وصبروا النفوس والأولاد في مرضاته، الغرباء القرباء إن شاء الله من مجاورة نبيه في الفردوس الأعلى من جناته، وارثوا سبيل السلف الصالح في تحمل المشاق وإن بلغت النفوس إلى التراق، نسأل الله أن يلطف بنا وأن يعيننا وإياكم على مراعاة حقه بحسن إيمان وصدق، وأن يجعل لنا ولكم من الأمور فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، بعد السلام عليكم من كتابه إليكم، من عبيد الله أصغر عبيده وأحوجهم إلى عفوه ومزيده، عبيدالله تعالى أحمد ابن بوجمعة المغراوي ثم الوهراني. كان الله للجميع بلطفه وستره، سائلاً من اخلاصكم وغربتكم حسن الدعاء بحسن الخاتمة والنجاة من أهوال هذه الدار والحشر مع الذين أنعم الله عليهم من الأبرار ومؤكداً عليكم في ملازمة دين الإسلام، آمرين به من بلغ من أولادكم، ان لم تخافوا دخول شر عليكم من إعلام عدوكم بطويتكم، فطوبى للغرباء الذين يصلحون إذا فسد الناس، وإن ذاكر الله بين الغافلين كالحي بين الموتى فاعلموا أن الأصنام خشب منجور وحجر جلمود لايضر ولاينفع وان الملك ملك الله ما اتخذ الله من ولد، وما كان معه من إله. فاعبدوه واصطبروا لعبادته، فالصلاة ولو بالإيماء، والزكاة ولو كأنها هدية لفقيركم أو رياء، لأن الله لاينظر إلى صوركم، ولكن إلى قلوبكم، والغسل من الجنابة ولو عوماً في البحور وإن منعتكم فالصلاة قفاء بالليل لحق النهار وتسقط في الحكم طهارة الماء وعليكم بالتيمم ولو مسحاً بالأيدي للحيطان فإن لم يكن فالمشهور سقوط الصلاة وقضاؤها لعدم الماء والصعيد إلا أن يمكنكم الإشارة إليه بالأيدي والوجه إلى تراب طاهر أو حجر أو شجر مما يتمَّم به، فأقصدوا بالإيماء، نقله ابن ناجي في شرح الرسالة لقوله صلى الله عليه وسلم فأتوا منه ما استطعتم. وإن اكرهوكم في وقت صلاة إلى السجود للأصنام أو حضور صلاتهم فأحرموا بالنية وأنووا صلاتكم المشروعة وأشيروا لما يشيرون إليه من صنم ومقصودكم الله. وإن كانلغير القبلة تسقط في حقكم كصلاة الخوف عند الالتحام، وأن أجبروكم على شرب خمر، فاشربوه لابنية استعماله. وإن كلفوا عليكم خنزيراً فكلوه ناكرين إياه بقلوبكم ومعتقدين تحريمه. وكذا إن أكرهوكم على محرّم. وإن زوجوكم بناتهم فجائز لكونهم أهل الكتاب وإن أكرهوكم على إنكاح بناتكم منهم فاعتقدوا تحريمه لولا الإكراه، وأنكم ناكرون لذلك بقلوبكم ولو وجدتم قوة لغيَّرتموه. وكذا إن أكرهوكم على ربا أو حرام فافعلوا منكرين بقلوبكم ثم ليس عليكم إلاّ روؤس أموالكم وتتصدقوا بالباقي، إن تبتم لله تعالى وإن اكرهوكم على كلمة الكفر فإن أمكنكم التوبة والإلغاز فافعلوا، وإلا فكونوا مطمئنين القلوب بالإيمان ان نطقتم بها ناكرين لذلك وإن قالوا اشتموا محمداً فإنهم يقولون له مُمَدْ، فاشتموا مُمَداً، ناوين انه الشيطان أو مُمَد اليهود فكثير بهم اسمه وإن قالوا عيسى توفى بالصلب فانووا من التوفية والكمال والتشريف من هذه وإماتته وصلبه وإنشاد ذكره إظهار الثناء عليه بين الناس وأنه استوفاه الله برفعه إلى العلو ومايعسر عليكم فابعثوا فيه إلينا نرشدكم إن شاء الله على حسب ماتكتبون به. وأنا أسأل الله أن يديل الكرة للإسلام حتى تعبدوا الله ظاهراً بحول الله من غير محنة ولا وجلة بل بصدمة الترك الكرام
ونحن نشهد لكم بين يدي الله أنكم صدقتم الله ورضيتم به ولابد من جوابكم والسلام عليكم جميعاً. بتاريخ غرة رجب عام عشرة وتسعمائة عرف الله خبره
"يصل إلى الغرباء إن شاء الله تعالى
..................................

سأدع المجال للتعليق ان شاء الله عندما أنهى موضوع محاكم التفتيش كاملا

Thursday, March 06, 2008

أيها المارون ............محمود درويش

أيها المارون في الكلمات العابرة
أحملوا أسمائكم وأنصرفوا
وأسحبوا ساعاتكم من وقتنا ،و أنصرفوا
وخذوا ما شئتم من زرقة البحر و رمل الذاكرة
و خذوا ما شئتم من صور،كي تعرفوا
أنكم لن تعرفوا
كيف يبني حجر من أرضنا سقف السماء


أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف , ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار , ومنا لحمنا
منكم دبابة اخرى , ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز , ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وأنصرفوا
وأدخلوا حفل عشاء راقص..وأنصرفوا
وعلينا ،نحن، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ،نحن، أن نحيا كما نحن نشاء


أيها المارون بين الكلمات العابرة
كالغبار المر مروا أينما شئتم ولكن
لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة
خلنا في أرضنا ما نعمل
و لنا قمح نربيه و نسقيه ندى اجسادنا
:و لنا ما ليس يرضيكم هنا
حجر.. او خجل
فخذوا الماضي،اذا شئتم الى سوق التحف
و أعيدوا الهيكل العظمي للهدهد، ان شئتم
على صحن خزف
لناما ليس يرضيكم ،لنا المستقبل ولنا فى أرضنا ما نعمل


أيها المارون بين الكلمات العابره
كدسوا أوهامكم في حفرة مهجورة ، وأنصرفوا
وأعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العجل المقدس
!او الى توقيت موسيقى مسدس
فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فأنصرفوا
ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف و شعبا ينزف
وطنا يصلح للنسيان أو للذاكرة

أيها المارون بين الكلمات العابرة
آن أن تنصرفوا
وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا يننا
آن أن تنصرفوا
ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا
فلنا في ارضنا مانعمل
ولنا الماضي هنا
ولنا صوت الحياة الاول
ولنا الحاضر،والحاضر ، والمستقبل
ولنا الدنيا هنا...و الاخرة
فاخرجوا من ارضنا
من برنا ..من بحرنا
من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا
من كل شيء،واخرجوا
من ذكريات الذاكرة


أيها المارون بين الكلمات العابرة
!